وفاء قسطنطين.. وحرية الاعتقاد
خديجة بن قنة: نعم فضيلة الشيخ كنا تحدثنا سابقا عن الفتنة الطائفية والحديث عن الحرية الدينية في مجتمع طائفي تعدد فيه الطوائف مسألة الفتنة الطائفية وأن يغير المرء دينه يمكن أن يؤدي إلى فتنة طائفية داخل المجتمع هناك قضية برزت في الأشهر الأخيرة في مصر وهي قضية وفاء قسطنطين زوجة الكاهن التي اعتنقت الإسلام وأثار هذا الموضوع مشكلة طائفية في مصر بسبب إشهار إسلامها وقد أُكرِهت على الرجوع عن الإسلام الرجوع إلى دينها من قِبَّل الكنيسة أين الحرية الدينية هنا في هذه القضية بالذات؟
يوسف القرضاوي: هذا ضد الحرية الدينية من غير شك يعني الإنسان من حقه أن يختار الدين الذي يراه حتى الدستور يبيح له هذا، هذه اختارت الإسلام بنفسها بإرادتها الحرة بعقلها ودخلت في الإسلام من مدة كما ذكرت الصحف ليست جديدة صار لها مدة وهي مسلمة وتمارس شعائر الإسلام وكل شيء وبعدين لما حبت تشهر هذا يعني رسميا ثارت الدنيا وقامت ولم تقعد وطول التاريخ..
خديجة بن قنة: ألم تكن القيامة فضيلة الشيخ ستقوم لو كانت مسلمة وتراجعت عن دينها ودخلت إلى المسيحية واعتنقت المسيحية؟
يوسف القرضاوي: لا ما حدث مثل هذا بس هذا كما قلت لكِ الارتداد عن الإسلام ليس ظاهرة هو يعني أصل فيه فرق بين خروج الإنسان من الإسلام وخروجه من المسيحية أو من اليهودية حينما يخرج إنسان من اليهودية ليدخل في المسيحية هو أضاف إلى نفسه لأنه سيظل مؤمنا بالتوراة وبموسى عليه السلام ويضيف الديانة المسيحية، المسيحي حينما يدخل في الإسلام لن يترك دينه بالكلية هو مؤمن بأن المسيح {إنَّمَا المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلَى مَرْيَمَ ورُوحٌ مِّنْهُ} {الإنجِيلَ فِيهِ هُدًى ونُورٌ} {يَا مَرْيَمُ إنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وطَهَّرَكِ واصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ العَالَمِينَ} لم يهدم دينه أضاف إلى دينه دين فالخروج من المسيحية إلى الإسلام أو من اليهودية إلى المسيحية غير الخروج من الإسلام لأن الإسلام ينقص ولذلك هذه ظاهرة نادرة يعني جدا وطول التاريخ المسيحيين والأقباط بيدخلوا في الإسلام وما أثار هذه قضية؟ هذه قضية أثارتها يعني جو مشحون بالتوتر فهذا هو الذي سبب هذا.
خديجة بن قنة: سنعود إلى موضوع وفاء قسطنطين لكن نأخذ أولا أحمد جبيني من تونس تفضل، يا ريت لو تخفض فقط صوت التليفزيون.
أحمد جبيني: السلام عليكم.
خديجة بن قنة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أحمد جبيني: خفضته.
خديجة بن قنة: نعم تفضل.
أحمد جبيني: سؤالي فضيلة الشيخ فيه بعض القصائد الجنسية والخمرية تُدرَس لتلاميذ في المدارس الثانوية فهل هذا شيء صحي لفكر شبابنا؟
خديجة بن قنة: قصائد؟!
يوسف القرضاوي: خمريات؟!
أحمد جبيني: وقصائد جنسية.
خديجة بن قنة: نعم هذا هو سؤالك؟
أحمد جبيني: لدي سؤال ثاني.
خديجة بن قنة: باختصار نعم نحن نسمعك، انقطع الخط نأخذ البلوشي أبو المنتصر من لندن تفضل.
البلوشي أبو منتصر: السلام عليكم فضيلة الشيخ.
خديجة بن قنة: وعليكم السلام.
البلوشي أبو منتصر: عندنا ظاهرة الردة الجماعية في إيران مع الأسف بسبب اللجوء إلى الخارج وبسبب الوضع الاجتماعي والسياسي، الآن كثير من الناس تنصر أو تمجس وأصبح لهم قنوات فارسية للدعوة إلى النصرانية أي أن هناك ظاهرة ردة جماعية فما حكم هؤلاء هذا من ناحية، من ناحية ثانية كثير من أبناء الشيعة يقولون نحن إذا اختارنا دين غير الإسلام أنتوا تقولوا أنتوا أحرار لما نختار دين غير الإسلام تقولوا نقتلكم فما ذنبنا إذاً وجزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ.
خديجة بن قنة: شكرا، أحمد توفيق من قطر تفضل.
أحمد توفيق: السلام عليكم ورحمة الله.
خديجة بن قنة: وعليكم السلام ورحمة الله.
أحمد توفيق: شيخي الكريم فيه لي سؤالين لو سمحت، السؤال الأول إنه في ظل الدولة الإسلامية الإسلام أعطى الحقوق للنصارى واليهود والمجوس في عباداتهم الخاصة ولكن في بعض الأمور الظاهرية اللي هي حياتهم اليومية التي يظهروا ويختلطوا فيها بالمسلمين على سبيل المثال عدم تحجب المرأة النصرانية أو اليهودية أو المجوسية فهل الإسلام يفرض عليها قضية إنها لازم تلبس الحجاب في ظل الدولة الإسلامية لأنه هذه القضية أثاروها عندما فرنسا أمرت بمنع الحجاب بأنه قالوا إنه الإسلام يفرض الحجاب فنحن لنا الحق؟ هذا السؤال الأول السؤال الثاني في قضية وفاء قسطنطين كان البابا شنودة شارك في مؤتمر الأسرة اللي أقيم في قطر وما لبث أن عاد إلى مصر إلا وجد زوجته وهذا فللأسف إنه أثيرت ضجة كبيرة وللأسف إنه لا وزارة الأوقاف والأزهر نفسه لم يقف موقف بحيث إنه ينصِّر أخته هذا فنتمنى من العلماء المسلمين أن يكون لهم موقف أقوى بحيث إنه متتكررش هذه الأمور مرة أخرى وجزاكم الله خيرا.
خديجة بن قنة: نعم شكرا لك إذاً الأخ الذي تحدث البلوشي أبو المنتصر من لندن عن الردة الجماعية في إيران بسبب اللجوء إلى الخارج أو الأوضاع الداخلية في إيران.
يوسف القرضاوي: والله أنا لا أعرف يعني هذا كيف يُسمَح بالردة الجماعية في إيران وهي دولة يعني تقوم على الدين أساسا بيقولوا ديه دولة دينية وجمهورية إسلامية لا أدري يعني مدى صحة هذا، الردة الجماعية يجب أن تُقاوَم هذا من غير شك يعني مهما تساهل الناس في الردة الفردية لا يجوز التساهل في الردة الجماعية لو ثبت هذا يجب مقاومة الردة الجماعية يعني علاج هذا الأمر والوقاية منه لماذا حدث هذا إذا صح هذا.
خديجة بن قنة: أحمد توفيق.. من تعتنق الإسلام من غير المسلمات وتعتنق الإسلام هل يُفرَض عليها لبس الحجاب أو ارتداء الحجاب؟
يوسف القرضاوي: لا يُفرَض على غير المسلمة، الإسلام متسامح جدا مع غير المسلمين حتى إن الأشياء اللي هي مباحة عندهم وهي محرمة عندنا لا يفرضها الإسلام عليهم، إحنا ذكرنا في حلقة سابقة إن الإسلام لا يفرض على المسيحي أن يمتنع عن شرب الخمر أو عن أكل الخنزير، الخنزير عندنا حرام وهو رجس والخمرة عندنا أم الخبائث ومع هذا إذا كان دينهم يبيح لهم هذا فالإسلام لا يُحرِج عليهم ولا يضيق عليهم في منعهم من شيء مباح عندهم حتى إن الإمام أبا حنيفة قال إذا أتلف المسلم خمرا لذمي يجب عليه أن يغرم قيمته لأنه مال متقوى عنده فإلى هذا الحد فالإسلام لا يفرض..
خديجة بن قنة: لا يفرض عليهم ذلك.
يوسف القرضاوي: على غير المسلمين ما هو واجب على المسلمين، نحن أنكرنا على فرنسا إنه هذا أمر يتعلق بالحرية الدينية والحرية الشخصية في بلد تدعي أنها أم الحريات فكيف تفرض على المسلمة ما هو حرام عليها في دينها تكرهها على أن ترتكب حراما في دينها وهي لا تؤذي أحدا هي حرة في لبسها هي حرة..
خديجة بن قنة: نعم لكن النظام الفرنسي قائم على أساس العلمانية والعلمانية أحد ركائز..نعم في فرنسا.
يوسف القرضاوي: لا العلمانية معنى العلمانية الليبرالية أن يكون كل إنسان حرا لا تتدخل الدولة في دينه لا بالقبول ولا بالرفض لا تكرهه على ترك دينه ولا تكرهه على الدخول في دين يعني لا تقف موقف لا مؤيد ولا معادي هذا موقف معادي ديه..
خديجة بن قنة: العلمانية الليبرالية.
يوسف القرضاوي: العلمانية الماركسية اللي هي كانت بتفرض على نظام معين وحياة معينة إنما العلمانية الليبرالية بتأتي بالناس أحرارا.
خديجة بن قنة: لكن على كل الأديان نعم، كان يتساءل أيضا أحمد توفيق لماذا لم يقف الأزهر في قضية وفاء قسطنطين لماذا لم يقف الأزهر موقفا مؤيدا لوفاء قسطنطين برأيك؟
يوسف القرضاوي: والله أنا لا أتكلم بإسم الأزهر ولا أعرف لماذا لم يقف يعني مؤيدا يعني البابا شنودة وقف يعني معارضا في قضية يعتبرها من القضايا الخاصة به ولكن الأزهر للأسف لم يقف الموقف الذي كان ينشده من ورائه الناس ويرتجيه منه.
خديجة بن قنة: نعم دائما ما يثار في وجه المسلمين هل هناك حرية وهي نقطة أيضا أثارها قبل قليل البلوشي أبو المنتصر من لندن لماذا تثار مسألة إنه هل هناك حرية في الخروج من الإسلام في حين أننا رأينا أن الكنيسة المصرية هنا لم تعترف بحرية خروج وفاء قسطنطين من دينها المسيحي وأُجبِرت على الرجوع إلى ديانتها هل هناك حرية مضمونة مكفولة في الإسلام في الخروج من الإسلام بالنسبة لمن.. هناك مثلا المسيحي الذي يريد أن يتزوج من مسلمة يعتنق الإسلام إن لم يوفق في زواجه مع المرأة المسلمة يطلقها ويعود إلى ديانته المسيحية؟
يوسف القرضاوي: أنا قلت إذا كان هيطلقها ويعود إلى الديانة المسيحية هو مادام ليس داعية يعني فيه ردة مخففة وردة مغلظة فيه واحد مرتد وفيه واحد داعي إلى الردة يريد أن يكفر المجتمع كله هنا اللي بيكون خطر إذا كان واحد يرجع وهذا أيضا ما يريده الإسلام، الإسلام لا يريد إن واحد يدخل الإسلام علشان بيحب واحدة لا يريد أن يدخل الإسلام دخولا حقيقيا إنما أن يصبح الدين ألعوبة كما كان اليهود في أيام النبي عليه الصلاة والسلام قالوا {آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَذِينَ آمَنُوا وجْهَ النَّهَارِ واكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} الدين مش لعبة إذا دخلت الدين لازم تكون يعني رجلا وتتمسك بدين أما إنك تلعب بالدين تدخل لا فهذا الذي نريد يدخل الإسلام عن اقتناع وعن بصيرة وإذا خرج منه عن اقتناع وبصيرة يخرج ولكن لا يثير فتنة في المجتمع.
خديجة بن قنة: نعم فضيلة الشيخ بما يمكن أن يصبح المسلم مسلما هل عليه أن يعلن أن يشهر إسلامه أن يذهب إلى جهة مختصة ليشهر إسلامه أم أنه مسألة شخصية بينه وبين يعني مسألة لا تتعدى حدود العلاقة بين العبد وخالقه؟
يوسف القرضاوي: لا هو الإسلام علانية والإيمان في القلب جاء في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم "الإسلام علانية والإيمان في القلب" الإيمان في القلب {أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ} إنما الإسلام علانية الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت فالإسلام لابد أن يعبر عن نفسه لابد أن يتجسد في أعمال يراها الناس هذا الإسلام ولذلك القرآن يقول {ومَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إلَى اللَّهِ وعَمِلَ صَالِحاً وقَالَ إنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ} يعني هو يعتز بأنه مسلم مش يختبئ، يختبئ إذا كان فيه من وراء ذلك خطر زي مؤمن آل فرعون {وقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إيمَانَهُ} كتمه لمن؟ لمصلحة وبعدين أعلنه عند اللزوم فإذا كان هناك واحد يخشى مثلا إن سيؤذى من أهله ومن أسرته ومن الناس حوله يعني لا يحتاج إلا أن يقول في نفسه لا إله إلا الله ولكن يحتاج أن يصلي سيراه الناس حينما يصلي سيحتاج عندما يأتي الصيام لا يأكل ومع ذلك يعني فالإسلام بيقتضيه إنه لابد أن يعلن ولكن ليس من الضروري إنه يعني يشهر إسلامه في جهة رسمية إلا إذا أراد أن يكتسب حقوق المسلم ويُعرَف هذا إنما هو بمجرد أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ويلتزم بمبادئ الإسلام وأركان الإسلام أصبح مسلما وإن لم يعني يُسجَل رسميا.
خديجة بن قنة: والحكم في المرتد والمرتدة سواء رجلا أو امرأة كانت أم هناك استثناء؟
يوسف القرضاوي: لا هناك مذهب أبو حنيفة يقول المرتدة لا تُقتَل العقوبة للرجال وليست للنساء.
خديجة بن قنة: بالنسبة للنساء، فضيلة الشيخ هل يجوز تسليم شخص إلى أهل دينه السابق عندما يخرج من هذا الدين ويعتنق دينا آخر؟
يوسف القرضاوي: إذا كان هؤلاء الناس متعصبين ويخشى عليه أن يؤذوه أو يفتنوه في دينه أو يضطهدوه أو كذا لا يجوز أن يُسلًم إليهم لأننا نسلمه للأذى والفتنة في هذه الحالة.
خديجة بن قنة: يسأل عبد العظيم قدارة المراغي من مصر لكن السؤال يبدو أنه لا علاقة له بموضوع الردة وإنما بموضوع الجهاد، سؤال أخير فضيلة الشيخ كيف يمكن مقاومة وحصار هذه الأفكار أو لنقل فكر الردة خوفا من أن ينتشر في المجتمع الإسلامي وأن يؤدي إلى فتن وما إلى ذلك ما هي أحسن طريقة لمقاومته وهل هناك مسؤولية أيضا على الدولة وعلى الحاكم كما هي على الأفراد؟
يوسف القرضاوي: طبعا هناك مسؤولية على الدولة ومؤسساتها هناك المؤسسة التربوية مسؤولة المؤسسة الإعلامية مسؤولة المؤسسة الدينية مسؤولة يعني كل المجتمع لابد أن يتعاون في مقاومة هذه المعاول الهدامة حتى تحفظ بنيان المجتمع من الانهيار فليس الخطيب المسجد فقط الإعلام عليه مسؤولية المعلم عليه مسؤولية المفكر والمثقف عليه مسؤولية، لابد أن يتعاون الجميع على ذلك وإلا متى يبلغ البنيان يوما تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم، فيه يعني الأخ اللي اتصل من تونس وسأل عن مسألة الخمريات والناحية الجنسية التي تعطى للأولاد في المدارس هذه أيضا مسؤولية الدولة، الدولة المفروض تحمي أبناءها من هذه الأشياء المجتمعات الغربية حتى المجتمع الأميركي يقف ضد العنف وضد الجنس وضد هذه الأشياء التي تغزو الأطفال، لابد لمجتمعاتنا بواسطة مؤسساتها التعليمية والتربوية والثقافية أن تحمي الأجيال القادمة من ثقافة العنف وثقافة الجنس وهذه مسؤولية الجميع وكل راع مسؤول عن رعيته.
خديجة بن قنة: نعم انتهى وقت البرنامج للأسف نعم، انتهى وقت البرنامج لا يسعنا في نهايته إلا أن نشكر فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي شكرا جزيلا لكم ونعود إليكم مشاهدينا في حلقة الأسبوع المقبل بحول الله لكم منا أطيب المنى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته\
المصدر قناة الجزيرة