المؤسسة الدينية والدور الرقابي على الإبداع
خديجة بن قنة: نعم موضوع الحرية الدينية والفكرية سنتناوله أيضا من زاوية نشر الكتب والرقابة التي تفرضها المؤسسة الدينية على الكتب في هذا الموضوع أعد لنا مراسلنا في القاهرة سمير عمر هذا التقرير فلنتابعه ونعود بعد ذلك لمواصلة هذا النقاش.
سمير عمر: الجدل الدائر حول حق المؤسسات الدينية في الرقابة على الأعمال الفكرية والإبداعية ما أن يهدأ حتى يعاود ثورته ويسعى كل فريق إلى حشد حججه في مواجهة الفريق الآخر فالقطاع الأوسع من المثقفين والكتاب بمختلف اتجاهاتهم يرفضون أن تتحول مؤسسة علمية بحجم ودور الأزهر الشريف إلى جهة رقابية تمارس ما يمكن وصفه بالوصاية ويؤكد هؤلاء أن النصوص القانونية الفضفاضة كانت هي السبب في تنامي الدور الرقابي للأزهر وهو ما يعد من وجهة نظرهم قيدا على حرية الفكر والإبداع وغلقا محكما لباب الاجتهاد.
وليد طوغان – مؤلف أحد الكتب التي صودرت مؤخرا: المسألة لها شقين إما أنها مرجعيتها قانونية أو مرجعيتها دينية أما المرجعية القانونية إن كانت لها مرجعية قانونية وده قانون في الفترة الأخيرة بيديها الحق ده فيظل من حق المؤلف أن يرد قانونا بالاستئناف أو بالاستيضاح أو بالاستشكال في القرارات ولكن ده لا يحدث، بالنسبة للمرجعية الدينية الأزهر دينا على الصحيح يعني في الدين ليست له سلطة دينية في المنع أو المصادرة.
سمير عمر: لكن الرغبة في الرقابة على الأعمال الفكرية والإبداعية وتقويمها وفق معايير دينية خاصة بالمؤسسة الرسمية لم يعد حكرا على الأزهر الشريف وهيئاته بل امتد إلى الكنيسة المصرية التي لم يمنحها القانون أي حق في مراجعة الأعمال الفكرية والإبداعية لكنها في السنوات الأخيرة وعبر شخصيات دينية ورجال قانون قد ألقت بثقلها في هذا الميدان.
نجيب جبرائيل – محامي قبطي: أنا أرى أنه ليس هناك ما يمنع من أن يؤخذ رأي الكنيسة أو أن يؤخذ رأي الأزهر في ما إذا كان هذا يمس العقيدة أو لا يمس العقيدة وهذا ليس إطلاقا ضد الإبداع وليس إطلاقا ضد الفن.
سمير عمر: وقد أثار هذا التنامي في دور الأزهر والكنيسة مخاوف العديد من العاملين في مجال حقوق الإنسان الذين دأبوا على المطالبة بعدم إشهار سيف المصادرة في وجه المفكرين ونشر ثقافة الحوار والمجادلة بالتي هي أحسن.
حافظ أبو سعدة – الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان: المؤسستين الدينيتين في مصر الأزهر والكنيسة يسعيان إلى توسيع اختصاصاتهم فيما يخص الشأن الديني بفرض مزيد من الرقابة على الإبداع في مصر.
سمير عمر: وعلى الجانب الأخر فإن هناك من رجال الدين مَن يدافع عن أهمية استمرار الرقابة الدينية على الأعمال الفكرية والإبداعية للحفاظ على ثوابت العقيدة وحماية شباب الأمة مؤكدين على أن ذلك لا يعد تعطيلا للإبداع لكنه صيانة له من أن يحيد عن مقاصده النبيلة وغاياته السامية.
أحمد العسال – الرئيس السابق للجامعة الإسلامية: إذا أردت أن ترفع الرقابة بدار الأزهر ارفع الرقابة على الأسواق وعلى الأطعمة وعلى المأكولات، كيف تخشى على الأمة من طعام رديء ولا تخاف عليها من فكر رديء؟ فالفكر الرديء يعمل أخطر من الطعام الرديء، الطعام يمضي مرة واحدة أما الفكر الرديء فيعيش مع الإنسان الذي يعني احتل عقله واحتل فكره.
سمير عمر: أن تتحول مؤسسة علمية تعني بالأساس بتدريس العلوم الشرعية إلى لعب دور الرقيب على الأعمال الفكرية والإبداعية فهذا أمر مرفوض هكذا يؤكد المعترضون على أي دور رقابي للأزهر الشريف أو غيره من المؤسسات الدينية بينما يؤكد المؤيدون على أن هذا الدور لا يعد تعطيلا للإبداع أو غلقا لباب الاجتهاد، سمير عمر الجزيرة برنامج الشريعة والحياة القاهرة.
خديجة بن قنة: إذاً فضيلة الشيخ هل من حق المؤسسة الدينية كما شاهدنا في التقرير سواء كانت كما شاهدنا في مصر المؤسسة الدينية سواء كانت الأزهر أو الكنيسة أن تفرض رقابتها أو وصايتها على الكتب وعلى الأفكار وتمنعها وتصادرها؟
يوسف القرضاوي: هو الحقيقة القانون الذي صدر أظن سنة 1961 في عهد عبد الناصر أعطى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر حق الرقابة على الأشياء التي تمس العقيدة الدينية وتطعن في العقيدة الدينية باعتبار العقيدة ثابت من ثوابت الأمة يجب حمايتها وتوفير الحماية، هو الخطر هنا هو التوسع في العملية أكثر من اللازم وإن بعض الأحيان يوجد بعض المتشددين من المشايخ والعلماء يمنعون ما لا ينبغي أن يُمنَع فهذا هو الخطر، كل شيء إذا زاد عن حده انعكس إلى ضده لابد من قدر معين من الرقابة كما قال الأخ الدكتور العسال كما إننا نمنع الأغذية السامة والملوثة بالإشعاع وهذه الأشياء لأنها خطر على أجسام الإنسان بعض الأشياء خطر على عقيدة الإنسان على فكر الإنسان إنما لا ينبغي إننا نكون أمام يعني جماعة تتسلط على الناس، نحن في الإسلام ليس عندنا سلطة كهنوتية يعني ليس في الإسلام حتى رجال دين كلمة رجال دين مش تعبير إسلامي، فيه علماء دين إنما مفيش رجال دين يعني يرثون هذا بالوراثة أو بالزي أو بالكذا بالعلم يعني فالأزهر ليس سلطة كهنوتية ولكن القانون أعطاه الحق ولكن هذا الحق لا ينبغي أن يتوسع الناس فيه وأنا في الحقيقة أرى بعض الأشياء يعني ربما يخدمها منعها هذه حقيقة بعض الكتب تُخدَم بالمنع المنع يعني أنا أضرب مثلا بأمرين مشهورين تذكرين كتاب آيات شيطانية هذا بتاع..
خديجة بن قنة: سلمان رشدي.
يوسف القرضاوي: سلمان رشدي ومش عارف إيه هذا كتاب لو تُرِك وحده لبيع منه ألفين أو ثلاثة من النسخ أقصى شيء ولكن لما ثار الناس ضده وقامت المظاهرات وعملت كذا الناس اهتموا به وتُرجِم إلى لغات العالم وبيعت منه مئات الآلاف واغتنى صاحبه وأصبح شخصية عالمية والله لو لم يحدث هذا ما أحس الناس بهذا أيضا كتاب وليمة أعشاب البحر القصة المشهورة..
خديجة بن قنة: لحيدر حيدر.
يوسف القرضاوي: منعها هي كانت موجودة في السوق قبل هذا ولا إهتم بها أحد حينما مُنِعت وأُثيِرت الواقع هذا..
خديجة بن قنة: وسقوط الإمام لنوال السعداوي بعد عشرين سنة أثير اللغط والجدال حول الكتاب.
يوسف القرضاوي: هذا كله وهكذا كان يعني..
خديجة بن قنة: لكن فضيلة الشيخ ألا تقع مسؤولية على الدولة على اعتبارها أو على الحاكم أو على السلطة السياسية على اعتبار أنها هي حاملة الرسالة الإسلامية أن تمارس سلطتها في هذا الأمر بأن تمنع انتشار هذه الأفكار؟
يوسف القرضاوي: طبيعي بتمنع سلطتها هو الأزهر يعني ما هو من ضمن أجهزة الدولة مجمع البحوث هو من جهاز الدولة وبيمارس حقه القانوني هي الدولة هتمارس ما هي الدولة؟ الدولة مؤسسات مختلفة ده يعني جماعة بيرقبوا الناحية السياسية اللي تهمهم لها سلطة معينة وجماعة بيرقبوا الناحية الفنية والمصنفات الفنية وكذا وجماعة بيرقبوا الناحية الدينية من الدولة في هذا ولكن التوسع هو الخطر، فيه بعض المؤلفين كان يرى إنه يتمنى أن تُمنَع كتبه لأن لو مُنِعت كتبه سيتسبب الناس في البحث عنها يبحثوا عنها عشان يشتروها من وراء حجاب..
خديجة بن قنة: لأن كل ممنوع مرغوب.
يوسف القرضاوي: كل ممنوع مرغوب أحب شيء للإنسان ما مُنِع والشيخ خالد رحمه الله أول كتاب أصدره يعني ودخل به السوق كان كتاب من هنا نبدأ كان الشيخ خالد قبل هذا في لجنة النشر للأزهريين وكان وعد الناس بإنه هيصدر كتاب اسمه (يا أربعمائة مليون هبوا) المسلمين كانوا في الأربعينات كانوا بيحسبوهم حوالي أربعمائة مليون مسلم فوعد الناس انتظروا كتاب يا أربعمائة لخالد محمد وبعدين فجأة الناس ما ظهرش خالد يا أربعمائة وإنما ظهر كتاب (من هنا نبدأ)، الكتاب ظهر في السوق محدش اهتم به لأن مكنش حد يعرف خالد محمد خالد إيه هو، هو نفسه قال أنا كتبت مقالة شديدة في نقد هذا الكتاب الذي يضم كذا وكذا مما يضاد الفكرة الدينية ويضاد مش عارف إيه ولأن هو كان كتاب أربع فصول حاجة عن الكهانة ضد العلماء وحاجة عن ضد الدولة الإسلامية وحاجة ضد المرأة وحاجة ضد الزكاة سماها اشتراكية الصدقات وهاجم هذا الكتاب ونشره في مجلة دينية فبدأ الناس يهتمون بهذا الكتاب فلذلك ليس من المصلحة التوسع في فكرة الرقابة يعني.
خديجة بن قنة: أستأذنك فضيلة الدكتور في أخذ مداخلات بعض المشاهدين نأخذ مصطفى عاشور من مصر تفضل.
مصطفى عاشور: السلام عليكم.
خديجة بن قنة: عليكم السلام.
مصطفى عاشور: في ظني أن الأزمة الرئيسية ليست بين الإبداع والدين الحقيقة ولكنها ما بين الثقافة والسياسة، الملاحظ من الأعمال المُصادرة والتي ممكن أن نطلق عليها أنها تسمى إبداعية إن الأزهر عندما قام بها لم يقم بها ككونه مؤسسة دينية ولكن باعتباره مؤسسة من مؤسسات الدولة المختصة بالشأن الديني فهو تحرك وفق القانون والقانون هو الذي أتاح له اتخاذ هذا الأمر وبالتالي فإن يعني المطلوب إذا كان هناك مصادرة فهو متعلق بقانون الدولة المدنية وليس بالأزهر باعتباره مؤسسة دينية في الأساس يعني والملاحظ أيضا إن الأزهر فيما يتعلق بالمصادرة إن الأزهر هو الطرف الوحيد اللي بيخرج بأقل النقاط بل ربما هو الطرف الوحيد الخاسر وفي رأيي إن ده بيرتبط إن المعارك فيه جزء كبير منها بتتم بفعل فاعل زي فضيلة الشيخ ما قال في كتاب الأستاذ خالد محمد خالد رحمه الله إن هو كتاب مقالة نقد الكتاب هو اللي كتبها بنفسه وهو اللي عمل على نشرها وبالتالي المعركة تمت بفعل فاعل، كثير من المثقفين في حياتنا الثقافية بيحاولوا يصبغوا على نفسهم حالات من الاضطهاد وإنهم بتُذبَح حريتهم والمصادرة تصادر أفكارهم لكن في الحقيقة إن أفكارهم إلى حد ما سطحية جدا يعني..
خديجة بن قنة: ساعيا لكسب الشهرة ربما؟
مصطفى عاشور: وربما فعلا لكسب الشهرة وتحقيق النفوذ أو التحول من كونه كاتب مغمور لكاتب ملئ السمع والبصر وكثير من زي كتاب نوال السعداوي اللي حضرتكِ أشرتِ إليه كتاب (سقوط الإمام) اللي قعد عشرين سنة مفيش حد ربما لم يباع منه نسخة واحدة وبعد ما صدر أعمال المصادرة وجدنا إن الكتاب أصبح له شأن كبير يعني مع العلم إنه لا يحتوي على شيء وفي رأيي إن المشكلة إن الأزهر في رأيي الشخصي يعني إن الأزهر بيدير مواقفه بطريقة أشبه بإنها طريقة سطحية جدا جدا يعني..
خديجة بن قنة: نعم شكرا.
مصطفى عاشور: لأن الملاحظ.. نعم؟
خديجة بن قنة: وصلت الفكرة شكرا جزيلا لك، نأخذ محمد أبو العز من القاهرة.
محمد أبو العز: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحياتي إليكِ يا أخت خديجة كما أحيي فضيلة العلامة الجليل الدكتور يوسف القرضاوي.
خديجة بن قنة: عليكم السلام.
محمد أبو العز: في الحقيقة يعني فكرة بسيطة إن شاء الله هتبعها بسؤال يعني هتكون مختصرة إن شاء الله يعني أنا أرى إن بعض قادة ومثقفي ومفكري الغرب مصابين بعقدة ويحاولوا فرض هذه العقدة علينا، أولا عقدة فترة الظلام الأسود التي حكمتهم فيها الكنيسة من استبداد وقهر وانتهاك حقوق الإنسان واحتكار العلم وما نتج عنه من قتل العلماء والمفكرين مثل إسحاق نيوتن صاحب قانون الجاذبية وجاليليو وغيره فأصيبوا بعقدة الدين هذا في الوقت الذي كان العالم الإسلامي يعيش أزهى عصور الحرية وعصور النور والعلم في الطب والكيمياء والفلك والجغرافيا وغير ذلك من العلوم ونتج عن ذلك حقد دفين عن الإسلام الذي وضع لهم هم أصلا معالم الحضارة والتقدم التي يعيشونها الآن، هذه العقدة وهذا الحقد دفع الكثير منهم لتأجيج نار الكره للإسلام والمسلمين ومفكرين المسلمين والطعن في هذا الدين باتهامه بالعنف والتحريض وعدم تقبل الآخر والإرهاب وأوحوا إلى أتباعهم من أبناء جلدتنا ممن يسموا بالتيار العلماني أو الليبرالي بأن هذا الدين حجر العثرة أمام الفكر وأمام التقدم واحترام حقوق الإنسان، أضيف إلى هذا وهذا العصابة الصهيونية صاحبة الأطماع في العالم الإسلامي فأصبح ثالوثا مجرما خطيرا والذي دفع الكثير منهم لترويج الطعن في الإسلام فراحت الشعوب الأوروبية ضحية لهذا الافتراء هنا بيت القصيد والسؤال يا سيدي مَن يا سيدي الفاضل وكيف نصل بحقيقة هذا الدين إلى هذه الشعوب المضللة؟ لماذا لم يتم شراء قنوات موجهة للغرب ومترجمة؟ لماذا لا يعمل العلماء المسلمين وهيئتهم على إقامة بعثات مدربة لغويا وعلميا وفهما وإخلاصا لتنوير هذه الشعوب بحقيقة الإسلام بأنه ليس دين اعتداء ولا كره ولكنه يقبل الآخر ويحترم العلم ويحبذ العلم ويفهم العالم بأن ضحية الأحداث العالمية اليوم هم المسلمون وليس الغزاة والطغاة والمؤججين لنار الفتنة في العالم من الصهاينة وغيرهم؟ يا سيدي نحن على استعداد بالتبرع حتى باقتسام قوت يومنا وأولادنا لهذه الدعوة والتعريف بالإسلام لأن الغرب مُضلَل والشعوب الإسلامية هناك محاولات لتضليلها شكرا.
خديجة بن قنة: نعم سيجيبك فضيلة الشيخ بعد أن نأخذ.. شكرا لك محمد أبو العز سنأخذ إجابة فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي بعد فاصل قصير.
خديجة بن قنة: نأخذ إجابة فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي على تساؤل مصطفى عاشور من مصر أو تعليق يقول المشكلة ليست بين الإبداع والدين ولكن بين الثقافة والسياسة هل الدين يقف عائقا أمام الإبداع فضيلة الشيخ؟
يوسف القرضاوي: إطلاقا هذا غير صحيح بالمرة إحنا شاهدنا في نشأتنا وفي شبابنا المبدعين الكبار في مصر لم يقف أمامهم أحد لا من الشعراء ولا من الأدباء ولا من القصاصين ما كان فيه طه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم وأحمد أمين وأحمد حسن الزيات ومحمد فريد أبو حديد يعني أناس من العمالقة ما وقف أمامهم أحد ولا صودر لهم يعني كتاب وفي عصرنا ناس كبار يكتبون كتابات يعني متخصصة وكتابات يعني عميقة، هؤلاء الأشياء اللي بيزعمون إنها مبدعة هل يعني (أعشاب البحر) هذا يعني إبداع؟ ده قرأتها للأسف يعني في غاية الإسفاف ولا تقدم يعني شيئا، (آيات شيطانية) ديه يعني إبداع؟ الناس اللي يعني الكتاب مش عارف جمال البنا ولا مش عارف إيه سطحيين لا يفقهون في الإسلام شيء ولا يعرفون يعني كيف يقرؤون القرآن ولا يعرفون الحديث الصحيح من الضعيف ولم يقرؤوا أصول الفقه ولم يقرؤوا يعني ولكن أشياء.. هذا ليس إبداعا..
خديجة بن قنة: لكن فضيلة الشيخ لماذا لا يُرَد عليها بكتب؟
يوسف القرضاوي: وأنا أرى أنه حينما نمنع هذه الكتب التافهة نفتح لها الأبواب للشهرة.
خديجة بن قنة: لكن لماذا لا نرد أو لا يُرَد عليها بكتب لمواجهتها بدل المنع يعني ما المانع؟
يوسف القرضاوي: يعني أنا أقول هذا أنا لا أدعو إلى مصادرتها إطلاقا بالعكس هي حينما تُصادَر تأخذ يعني طريقها إلى الانتشار وإلى الشهرة، الناس تريد أن تعرف هذا الشيء الممنوع لماذا أنا لا أدعو إلى هذا وهي كتب نراها تموت أول ما تظهر ولا تحيا إلا عندما تُصادَر وعلى كل حال أنا أرى إنه إذا كان الأزهر من حقه أن يصادر من حق الناس أن تتظلم يعني تستأنف وتقول كذا يعني ولكن هم الذين تصادر كتبهم يفرحون بهذا لا يحتاجون إلى أن يستأنفوا لأنهم يعتبروا أنهم يعني أن هذا غنيمة لهم قد كسبوها.
خديجة بن قنة: نعم محمد أبو العز يقول كيف يمكن أن يصل المسلمين بحقيقة..
يوسف القرضاوي: الأخ محمد أبو العز الحقيقة لمس قضية مهمة وهي يوم كان الغرب يتحكم رجال الدين في الكنيسة الغربية في علمه وفكره وابتكاره لا يُسمَح بالابتكار وقفت الكنيسة الغربية في ذلك الوقت مع الجهل ضد العلم مع الجمود ضد التحرر مع التأخر ضد التقدم مع الملوك ضد الشعوب مع الإقطاعيين ضد الفلاحين وصادرت كل فكر حر، كان المسلمون في كتب التفسير عندنا وفي كتب التوحيد في كتب ابن حزم في (الملل والنحل) يتكلم عن كروية الأرض وهم لما جم قالوا كروية الأرض اعتبروها يعني جريمة كبرى اعتبروا الأشياء التي جاءت في الفلسفة اليونانية مقدسات صبغوها بالصبغة الدينية وهي أفكار بشرية وضعية أضفوا عليها الصبغة الدينية وكل مَن خالفها اعتبر يعني قد هرتق أو تزندق أو مرق من الدين إحنا كنا في هذا الوقت في غاية الحرية وازدهرت الحضارة الإسلامية وازدهرت العلوم وازدهرت الفلسفة هذا هو الموقف يعني.
خديجة بن قنة: نعم لكن فضيلة الشيخ هناك الكثير ممن يستشهدون بهذا المثال نفسه وهو أوروبا عندما تركت الدين جانبا حيدته عن الحياة العامة واهتمت بالعلم والتقدم والتطور..
يوسف القرضاوي: لأن الدين كان قيدا الدين كان قيدا في سبيل تقدمها هذا الدين الذي كانت تمثله الكنيسة في ذلك العصر كان وقوفا كما قلت لكِ مع الجمود ضد التحرر ضد الابتكار الفكري، محاكم التفتيش قامت بمحاكمة العلماء المبدعين حتى أحرقوا جثثهم حاكموهم بعد موتهم وأخرجوا جثثهم وأحرقوها في وقت ازدهار الحضارة الإسلامية فكان لابد من التحرر من هذا الدين ولذلك إحنا نقول الفكرة العلمانية كانت ضرورة في الغرب ليتحرر الناس من هذه القيود والأغلال، إحنا كانت ضدنا لأن إحنا مع الدين لا يقف قيد عندنا الدين هو أكبر دافع للحركة العلمية والحركة الفكرية والحركة التقدمية والحركة الحياتية فالدين عندنا غير الدين عندهم في ذلك الوقت.