فتاوى العلماء في مشروعية الصلاة على الرسول –صلى الله عليه
وسلم-
أولاً: فضيلة الشيخ العلامة ابن باز –رحمه الله- :
1- السؤال: ما يفعله بعض الناس عندنا في الأردن وبعض
البلدان الأخرى من قول المؤذن بعد الأذان: اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين، فهل في ذلك شيء؟ وما حكمه؟
الجواب: هذا المقام فيه تفصيل: فإن كان المؤذن يقول
ذلك بخفض صوت؛ فذلك مشروع للمؤذن وغيره ممن يجيب المؤذن؛ لأن النبي -صلى الله عليه
وسلم- قال: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإن من صلى علي واحدة
صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا
لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة" خرجه
مسلم في صحيحه، وروى البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة
التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محموداً الذي
وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة"، أما إن كان المؤذن يقول ذلك برفع صوت كالأذان
فذلك بدعة؛ لأنه يوهم أنه من الأذان، والزيادة في الأذان لا تجوز؛ لأن آخر الأذان
كلمة لا إله إلا الله، فلا يجوز الزيادة على ذلك، ولو كان ذلك خيرا لسبق إليه السلف
الصالح بل لعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أمته وشرعه لهم، وقد قال -عليه الصلاة
والسلام-: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" أخرجه مسلم في صحيحه، وأصله في
الصحيحين من حديث عائشة -رضي الله عنها-. وأسأل الله سبحانه أن يزيدنا وإياكم وسائر
إخواننا من الفقه في دينه، وأن يمن علينا جميعا بالثبات عليه، إنه سميع قريب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
2- السؤال: هل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم
قراءة التشهد الثاني في الركعة الثانية من الصلاة الرباعية أم يكتفي بالتشهد الأول؟
الجواب: اختلف العلماء في الصلاة على النبي -صلى الله
عليه وسلم- بعد التشهد الأول مع إجماعهم على شرعيتها في التشهد الثاني إذا قال أشهد
أن لا الله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله في التشهد الثاني في الظهر والعصر
والمغرب والعشاء فإنه يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- كما أمر بذلك النبي -صلى
الله عليه وسلم- في الأحاديث الصحيحة، فقد سئل -صلى الله عليه وسلم-؛ فكيف نصلي
عليك؟ وفي رواية أخرى في صلاتنا، فقال -صلى الله عليه وسلم-: قولوا: "اللهم صل على
محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك
على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد"، وهذه
الرواية أكمل الروايات فيها الصلاة على محمد وآله وعلى إبراهيم وآله وهكذا التبريك
وهذا لا خلاف فيه أنه يؤتى به في التشهد الأخير. واختُلِف هل هذا واجب أو ركن أم
مستحب على أقوال ثلاثة، وبكل حال فهو مشروع للمصلي للرجال والنساء وأن يأتي بهذه
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير ثم يدعو بما تيسر من الدعوات
مثل: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن
فتنة المسيح الدجال، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم إني ظلمت نفسي
ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور
الرحيم. هذا هو الدعاء المشروع في آخر الصلاة وهكذا "اللهم اغفر لي ما قدمت وما
أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا
إله إلا أنت"، هذا شيء من حديث علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في
آخر الصلاة خرجه مسلم في صحيحه، وهكذا يشرع للمسلم في آخر الصلاة قبل أن يسلم. أن
يقول: "اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل
العمر وأعوذ بك من فتنة الدنيا وأعوذ بك من عذاب القبر" أخرجه البخاري في صحيحه من
حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. وهذا الدعاء كله مشروع في التشهد الأخير في
الرابعة من الظهر والعصر والعشاء وفي الثالثة من المغرب وفي الثانية من الفجر
والجمعة. أما التشهد الأول في الظهر والعصر والمغرب والعشاء فإن الصحيح فيه أنه
يشرع أن يصلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم فقط أما الدعاء فيكون في التشهد
الأخير كما تقدم وكما دل على ذلك حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- المخرج في
الصحيحين. والله ولي التوفيق.
3- السؤال: ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه
وسلم في صلاة الجنازة؟
الجواب: المعروف عند أهل العلم وجوب الصلاة على النبي
صلى الله عليه وسلم وينبغي ألا يدعها المصلي على الجنازة بعد التكبيرة الثانية.
4- السؤال: بعض الناس يصلي على النبي صلى الله عليه
وسلم هكذا: "اللهم صل على نبينا محمد طب القلوب ودواء العافية" هل هذا مشروع؟
الجواب: ليس بمشروع، وفيه إبهام يخشى منه الالتباس
على الناس، ولكن أفضل الصلاة عليه الصلاة الإبراهيمية: "اللهم صل على محمد وعلى آل
محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد
وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد". هذه الصلاة هي
الصلاة المعروفة الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولها أنواع، وبأي نوع منها
صلى فقد فعل المشروع إذا كان من الأنواع الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم. والله ولي
التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
5- السؤال: الأخت هـ. م. س. من مكة المكرمة تقول في
سؤالها: هناك أناس حولي يرددون عبارات للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا أعرف
مدى صحتها وهي: (اللهم صل صلاة كاملة وسلاماً تاماً على سيدنا محمد الذي تنحل به
العقد، وتنفرج به الكرب، وتقضى به الحوائج، وتنال به الرغائب وحسن الخواتم،
ويُستسقى الغمام بوجهه الكريم وعلى آله وصحبه في كل لمحة ونفسي بعد كل معلوم لك) مع
العلم أنهم يرددونها بأعداد معينة قد تصل إلى 1000 مرة أفتونا مأجورين؟
الجواب: هذا اللفظ غير مشروع، وفيه غلو ومخالفة للشرع
المطهر، والمشروع للمسلم أن يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصلاة التي
علمها النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه -رضي الله عنهم- وهي: "اللهم صل على محمد
وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على
محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد"؛ فهذه
الصفة أكمل الصفات الواردة عنه صلى الله عليه وسلم في الصلاة عليه. وإن صلى عليه
المسلم -صلى الله عليه وسلم- بأي صفة من الصفات الثابتة عنه صلى عليه الصلاة
والسلام كفى ذلك، والله ولي التوفيق.
( موقع فضيلة الشيخ العلامة ابن باز – رحمه الله - )
ثانياً: فضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين – رحمه الله - :