تبدأ حكايتنا منذ سحيق الزمن وبالتحديد منذ 60 مليون سنة، عندما حملت الأمواج القادمة من بعيد بعض الكائنات الحية التي وجدت نفسها لاحقا في مكان فريد لا يشبه أي مكان آخر على كوكب الأرض !!!
مدغشقر منطقة معزولة تماماً سحبتها الهند عند انفصالها عن افريقيا، ثم استقلت بذاتها وعادت مقتربة من أفريقيا كي تستقر في المنطقة الاستوائية .
كونها مفصولة تماماً وبعيده عما حولها من اليابسة تميزت هذه الجزيره بطبيعة فريدة من نوعها،هذه الطبيعة الفريدة أعطت الجزيرة تنوعاً غريباً وانفراداً تاماً في كائناتها، جعلتها تحتوي على كائنات لا مثيل لها !!!
80 % من الفصائل التي تعيش على جزيرة مدغشقر لا توجد في أي بقعة أخرى على الأرض، لذلك فهي تعتبر من أغنى الأماكن التي يمكن أن تراها عينك، غنية بما تحتويه من تنوع وتناغم !!
تحتوي مدغشقر على بيئات مختلفه تماما ، ففي الجانب الغربي نجد غابات كثيفه ، أشجارها فريده جدا تلائم طبيعتها ، فهذه الاشجار ذات الجذوع الضخمه تعيش في منطقه جافه ، لذلك فهي تعمل كخزان للماء !
اذا انتقلنا الى الجنوب ، فسنجد بحيرات من الملح ، كهذه !
لنتجه شرقا ، سنجد جبال خضراء ، مكسوه بغابات كثيفه جدا ، تحتوي على مخلوقات لا علم لاحد بها الا الله
وفي الشمال ، هناك براكين مدفونه ، يمكن أن تثور في اي لحظه ، فهناك 1000 زلزال يهز مدغشقر سنويا !!!
هذه البيئات المختلفه جعلت مدغشقر تتألق في انفرادها الحصري بالكائنات الفريده ،
تنفرد مدغشقر وحدها بكائن حي ، استطاع ان يستوطن الجزيره من شرقها الى غربها ، ومن شمالها الى جنوبها .. “الليمو” ، ذو الثمانين صنف ، يتراوح حجمها من حجم فأر صغير الى غوريلا ضخمه
أيضا ..لن ترى في مدغشقى اعجب من هذه الخنفساء . التي تمتلك عنقا كعنق الزرافه !!
تقوم انتى هذه الخنفساء بتصرف غريب جدا ، فهي تقوم بثني اوراق شجر كبيره ، ثم تقوم بلفها ، ثم تضع داخلها بيضه واحده فقط ، ثم تكمل لفها وعند الانتهاء تلصق اطرافها بماده صمغيه تفرزها ، ثم تسقطها على الارض لتحتفظ بالبيضه ، كل هذا العناء ، من أجل بيضه واحده فقط !!!
أما ما يميز مدغشقر حقا ، فهي هذه الحرباء الجميله ،
تحتوي مدغشقر على العديد من الزواحف ، لكنك لن تتخيل أن ترى حرباء كهذه في حياتك !!
لماذا ؟! حسنا ، هذه الحرباء هي أصغر حرباء على وجه الأرض .
هي صغيره جدا جدا ، لدرجه انها اكبر من النمله بقليل !!!
قد تواجه هذه الحرباء المسكينه بعض المشاكل ، مثلا قد يمر قطار ضخم بجانبها .. كهذا !!
نعود الى تشكل الجزيره مره اخرى ، ففي الغرب كانت تيارات المحيط تنحت الصخور وتشكلها تحتها ، وعندما انسحب المحيط من الغرب انكشفت هذه الصخور ، لتتكشف عن ابداع الخالق ، اشكالا لن ترى مثيلها في اي مكان اخر !!
تبدو الحياه على هذه الصخور مستحيله .
لكن هناك من نئا بنفسه واستوطن هذه المنطقه وتكيف معها !!
مجددا .. هو نوع من أنواع الليمو الذي يعيش في هذه المنطقه ويتنقل بين الصخور بمهاره عاليه !!
اما ما يخفي تحت هذه الصخور ، فهي هذه الكهوف السحيقه !
بعضا من هذه الكهوف العملاقه انهارت ، فافسحت المجال امام ضوء الشمس للدخول ، وبث الحياه تحتها !!
وبها من الأصناف ما لا مثيل له ..
أما عن الطيور ،. فهناك ما لم يخطر على بال .. مثلا هذا الطائر الجميل ، ذو العين الزرقاء والذيل الطويل ، هو أحد فصائل ” طيور الجنه ” ، أما لون ريشه فهو أحمر او بني ، وأحيانا يكون الذكر أبيض اللون ، والذكر يتميز بذيل طويل جدا ، أما الأنثى فلها ذيل قصير .
يتعاون هذان الزوجان على بناء عش لهما لتضع الأنثى البيض عليه ، ويأخذ الأمر أياما عديده من العمل الشاق والدقيق ، ولا يتركانه بدون حراسه .. فهم يتناوبون عليه ..
ولكن ، وفجأه ، تأتي اللحظه التي يخشاها الزوجان .
هذا الطائر الأسود ، ذو الريشه على جبهته .. عدواني جدا .
يقوم هذا الطائر وبدون سبب معروف ، بالهجوم على عش الزوجين .. ثم يقوم بتدميره .
ليس لسرقه بعض عيدان القش ، لكنه لا يرغب في وجودهما في هذا المكان بالتحديد !!!
يحاول الزوجان يائسان ان يزعجا هذا الطائر الأكبر منهم حجما ، لكنه لا يتحرك قيد أنمله ، ويستمر في التدمير..
بعد جهد جهيد ، يرجل المعتد وقد دمر العش الذي بناه الزوجين ، وتعود الأنثى تنظر بيأس الى بيتها المدمر ..
أما بالنسبه للزوج ، فقد حلت به مصيبه ، لأن زوجته الأن ربما تتخذ قرارا بالرحيل والبحث عن زوج آخر يستطيع حمايتها وحماية بيتها .
نهايه مأساويه لحكايتنا ، لكنها تحمل عبره كبيره ، فسبحان الله الذي جعل لكل شيئ جميل نهايه محزنه ، وسبحان الذي وشّح الظلم بالسواد .
أتمنى ان تكونوا استمتعتم برحلتنا الى عالم الابداع ، ابداع من الخالق ليس له مثيل.