العجيبه Admin
عدد المساهمات : 810 تاريخ التسجيل : 31/10/2009 العمر : 69
| موضوع: قصة سعيد بن جبير مع الحجاج الخميس فبراير 10, 2011 5:29 am | |
|
قصة سعيد بن جبير مع الحجاج: دروس وعبر
أيها الإخوة الكرام ، تابعي جليل تابعي ، وله مكان عند الله كبير جداً ، هو سعيد بن جبير ، أراد الحجاج أن يكرهه على شيء ليس قانعاً به ، فتوارى عن الأنظار ، ثم عثر عليه في قرية من قرى المدينة ، أنقل لكم ما في كتب السيرة :
أولا: لما علم الحجاج بمكان سعيد بن جبير أرسل إليه سرية من جنوده ، وأمرهم أن يسوقوه مقيداً إلى الحجاج في مدينة واسط ، فأطبق الجند على بيت الشيخ ، وألقوا القيد في يديه على مرأى من بعض أصحابه ، و هموا بالرحيل إلى الحجاج ، فتلقاهم هادئ النفس ، مطمئن القلب ، ثم التفت إلى أصحابه ، وقال : ما أراني إلا مقتولاً ، وقد كنت أنا وصاحباي في ليلة في عبادة ، فاستشعرنا حلاوة الدعاء ، فدعونا الله ما دعونا ، وتضرعنا إليه بما شاء من تضرع ، ثم سألنا الله عز وجل أن يكتب لنا الشهادة ، وقد رزقها صاحباي كلاهما ، وبقيت أنا أنتظرها ، ثم إنه ما كاد ينتهي من كلامه حتى طلعت عليه بنية صغيره له ، فرأته مقيداً ، والجنود يسوقونه ، فتشبثت به ، وجعلت تبكي ، وتنشج ، فنحاها عنه برفق ، وقال لها : قولي لأمك يا بنية : إن موعدنا الجنة إن شاء الله تعالى ، ثم مضى ، فبلغ الجند بالإمام الحبر العابد الزاهد التقي النقي الورع واسطاً ، وأدخلوه على الحجاج ، فلما صار عنده قال : ما اسمك ؟ قال : سعيد بن جبير ، قال : بل شقي بن كسير ، قال : بل كانت أمي أعلم باسمي منك ، هذا هو اسمي ، قال : ما تقول في محمد ؟ هكذا ، قال : تعني محمد بن عبد الله رسول الله ؟ قال : نعم ، قال : سيد ولد آدم ، النبي المصطفى ، خير من بقي من البشر ، وخير من مضى ، حمل الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح لله ، ولكتابه ، ولعامة المسلمين ، وخاصتهم ، قال : فما تقول في أبي بكر ؟ قال : هو الصديق ، خليفة رسول الله ، ذهب حميداً ، وعاش سعيداً ، ومضى على منهج النبي عليه الصلاة والسلام ، ولم يغير ، ولم يبدل ، قال : فما تقول في عمر ؟ قال : هو الفاروق الذي فرق الله به بين الحق والباطل ، وهو خيرة الله من خلقه ، ولقد مضى على منهج صاحبيه ، فعاش حميداً ، وقتل شهيداً ، قال : فما تقول في عثمان ؟ قال : هو المجهز لجيش العسرة ، الحافر لبئر رومة ، المشتري لنفسه بيتاً في الجنة ، هو صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنتيه ، ولقد زوجه النبي بوحي من السماء ، وهو المقتول ظلماً ، قال : فما تقول في علي ؟ قال : ابن عم رسول الله ، وأول من أسلم من الفتيان ، وهو زوج فاطمة البتول وأبو الحسن والحسين ، سيدا شباب أهل الجنة ، قال : فأي خلفاء بني أمية أعجب لك ؟ قال : أرضاهم لخالقهم ، قال : فأيهم أرضى للخالق ؟ قال : علم ذلك عند ربي الذي يعلم سرهم ونجواهم ، قال : فما تقول فيّ ؟ قال : أنت أعلم بنفسك ، قال : بل أريد علمك أنت ؟ قال : إذاً يسوءك ولا يسرك ، قال : لا بد من أن أسمع منك ، قال : إني أعلم أنك مخالف لكتاب الله تعالى ، تقدم على أمور تريد منها الهيبة ، وهي تقحمك في الهلكة ، وتدفعك إلى النار دفعاً ، قال : أما والله لأقتلنك ، قال : إذاً تفسد علي دنياي ، وأفسد عليك آخرتك ، قال : اختر لنفسك أية قتلة شئت ؟ قال : بل اخترها أنت لنفسك يا حجاج ، فو الله ما تقتلني قتلة إلا قتلك الله مثلها في الآخرة ، قال : أتريد أن أعفو عنك ؟ قال : إن كان العفو فأقبله من الله وحده ، ما منك فلا ، فاغتاظ الحجاج ، وقال :السيف والنطع يا غلام ، ليقتله ، فتبسم سعيد ، فقال له الحجاج : وما تبسمك ؟ قال : عجبت من جرأتك على الله وحلم ، الله عليك ، قال : اقتله يا غلام ، فاستقبل القبلة ، وقال : إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين ، قال : حرفوه عن القبلة ، فقال سعيد بن جبير : أينما تولوا فثم وجه الله ، قال : كبوه على الأرض ، قال : منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ، قال : اذبحوا عدو الله ، فما رأيت رجلاً أدعى منه لآيات القرآن الكريم ، فرفع سعيد كفيه ، وقال : اللهم لا تسلط الحجاج على أحد بعدي ، قال : فلم يمضِ على مصرع سعيد بن جبير غير خمسة عشر يوماً حتى حم الحجاج ، واشتدت عليه وطأة المرض ، فكان يغفو ساعة ، ويفيق أخرى ، فإذا غفا غفوة استيقظ مذعوراً ، وهو يصيح : هذا سعيد بن جبير أخذ بخناقي ، هذا سعيد بن جبير ، يقول : فيمَ قتلتني ؟ ثم يبكي ، ويقول : ما لي ولسعيد بن جبير ، ردوا عني سعيد بن جبير ، فلما قضى نحبه ، ووري في ترابه رآه بعضهم بالحلم ، فقال له : ما فعل الله بك فيمن قتلتهم يا حجاج ؟ قال : قتلني الله بكل امرئ قتلة واحدة ، وقتلني بسعيد بن جبير سبعين قتلة
ثانيا : الاستنباطات والعبر
أيها الإخوة الكرام ، هناك استنباطات كثيرة من هذه القصة :
1 ـ أن العبرة بهذه الجنة التي عرضها السماوات والأرض ، هذه لمن كان على منهج الله ، ولمن كان على سنة رسول الله ، لمن كان على الحق .
2 ـ العبرة أن الإنسان بعد الموت يدفع ثمناً باهظاً أو يتلقى مكافأة ثمينة .
3 ـ هذه القصة مؤلمة ، ولكن الحياة دار ابتلاء ، إن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء ، ومنزل ترح لا منزل فرح ، فمن عرفها لن يفرح لرخاء ، ولم يحزن لشقاء ، قد جعلها الله دار بلوى ، وجعل الآخرة دار عقبى ، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا ، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا ، فيأخذ ليعطي ويبتلي ليجزي
أيها الإخوة الكرام ، يقول الإنسان يوم القيامة :
(يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي)
سورة الفجر : 24
4 ـ هذه الحياة التي نحياها لا قيمة لها عند الله , وهي أحقر من أن تكون مكافأة لعبد أو عقاباً لعبد ، قال تعالى :
( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ)
سورة الأنعام : 44
5 ـ القوى ، المال , التحالفات , الإعلام , كل عناصر القوة بأيدي أعدائنا , وهم يتفننون بإذلال الشعوب , و بقهرها , يتفننون بافتعال حجج واهية من أجل الهيمنة على الشعوب , وعلى مقدرات الشعوب .
أيها الإخوة الكرام ، من أجل أسيرين تدمر بلاد بأكملها , جسورها , مطاراتها , بنيتها التحتية , كهرباءها , من أجل أسيرين فقط , هناك من يستخدم القوة بجنون ما بعده جنون .
6 ـ أيها الإخوة الكرام ، العبرة بهذا الأبد المديد الذي لا ينتهي ، حيث يحكم فيه ملك عادل ، والدنيا عرض حاضر ، يأكل منه البر والفاجر ، والآخرة وعد صادق ، يحكم فيه ملك عادل
الإمام الحسن البصري أدى أمانة التبيين ، بلغ الحجاج ما قاله الإمام الحسن البصري فثارت ثورته ، وغضب أشد الغضب ، وقال لمن حوله : يا جبناء ، والله لأروينكم من دمه ، وأمر بقتله ، وجاء السياف ، ومد النطع ، وجيء بالحسن البصري ، فلما دخل رأى الوضع كما هو واضح ، فحرك شفتيه ، ولم يفهم أحد ماذا قال ، فإذا بالحجاج يقف له ، ويقول له : أهلاً بأبي سعيد ، أنت سيد العلماء ، وما زال يدنيه من مجلسه حتى أجلسه على سريره ، ليس معنى هذا أن مقام الحسن البصري أعلى من مقام سعيد بن جبير ، لكن لكل واحد حكمة ، ومازال يدنيه حتى أجلسه على سريره ، واستفتاه في موضوع ، وعطره ، وضيفه ، وشيعه ، الذي صعق هو الحاجب ، فتبعه ، وقال : يا إمام ، لقد جيء بك لغير ما فعل بك ، فماذا قلت لربك ؟ قال : قلت : يا ملاذي عند كربتي ، يا مؤنسي في وحشتي ، اجعل نقمته علي برداً وسلاماً كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم .
وأنتم أيها الإخوة الكرام ، في جوف الليل ادعوا الله أن يحفظ بلادنا ، أن يحفظ أراضينا ، أن يحفظ المسلمين جميعاً من كيد هؤلاء المجرمين ، لا نملك الآن إلا الدعاء ، لا نملك إلا التضرع في جوف الليل ،
قال عليه الصلاة والسلام: ((ينزل ربنا تبارك وتعالي إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقي ثلث الليل الآخر،
فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، حتى ينفجر الفجر))
[ رواه لبخاري و مسلم و أحمد .] متفق على صحته | |
|
القوة الخامسة مشـــرف عام
عدد المساهمات : 1382 تاريخ التسجيل : 18/03/2010
| موضوع: رد: قصة سعيد بن جبير مع الحجاج الجمعة مايو 27, 2011 2:43 pm | |
| | |
|