ثلاثية الشوقوالجنة
( 1 )
كلما
عانقت عيناي الغيوم السابحة على صدرالسماء تمنيت أن تمطر علّها تحمل لي مع قطراتها سلاماً طائراً ..
وكلما لا
مستكفي الورود الراقصة في صباحات البساتين رحت أفتش في
أوراقها عن أثر قبلة ربماأودعتها
شفتاك ..
فإلى
سماك تطير أشواقي ..
وبين حقولك
وجنانك الوردية تتنزهأحلامي ..
أيتها
المحلقة في حدائق روحي .. والسابحة فوق أجنحة الفراشات
..
أيتها
الآية المعلق على جيدها الجمال .. والملكة التي اختار تاج الحسنهامتها..
سيدتي
وحبيبتي وضياء عيني :
حبك قدر
يسافر بين أضلعي .. ليوقظ كلالمدن
الغافية ويعلق في زواياها قناديل العشق والأمان
..
وهواك
ورقة ربيع دافئةاختصرت في قلبي كل الفصول فكتب لها قدر الخلود ..
هل
تعلمين أني أشتاقك مع كلنسمة حرة
تسافر صوب وطنك ..
أتحدث
إليها .. أحتضنها .. أقبلها .. ثم أودعها وقدانتزعت شيئا من أشواقي..
أكتب
إليك فوق أجنحة النوارس ..
وعلى ورق
السحاب ..
وأبحث
عنك في كل أشيائي القريبة ..
في
دفاتري علّك نسيتِ هناك توقيعاًصغيرا .. أو تركتِ لي رسالة حالمة
..
وتحت
وسادتي علّك خبأتِ جورية رقيقة ..
في أدراج
المكتب .. وفناجين القهوة .. وأحواض المزهريات
..
في
أمشاطكالمبعثرة علها ماتزال تحضن إحدى خصلاتك..
في الصبح
أستعير حناجر البلابل لأغنيإليك ..
وأملأ حديقتي بالأسئلة ..
فأسأل
عنك العصافير المغردة فوق أغصانالياسمين..
والزهور
الراقصة على أعناق الخمائل ..
وجداول
الماء السابحة بينأحضان الرياض
..
وفي
المساء أفتح ذراعي .. وأصلي طويلا لينام القمر بأحضاني
..
حبيبتي :
لست وحدي
من يشتاق إليك ..
العطور
التائهة في سماء الحقولتشتاق أن
تمنحها أنفاسك العبير ..
وأجساد
الفساتين المهملة في أدراجي تشتاق أنتطعميها الروح ..
تشتاقك
الشموع لكي تذوب في ضوء يديك ..
وأحضاني
من أجل أنتهديك لحظة دفء
..
تشتاقك
أوراقي .. ورسائلي .. ودواويني المسبحة باسمك
..
حبات
المطر الخجلى هي الأخرى تناديك .. وأوراق التوت التي اعتادت ملاطفة كفكتهتف إليك
..
كل
الأشياء يا حبيبتي تشتاق إليك بطريقتها
..
أما أنا
فما زلتعلى عادتي كل يوم
..
أفرش لك
الجنة ..
وأنتظر
أن يقودك الإيمان الصادق إليها ..
( 2 )
لن ألوم
أوراق الخريف حين تتساقط بعد اليوم .. لن أعاتبأسراب الطيور حين تغادر قسوة الشتاء
..
فشوق
الأولى لجمال الربيع يمزق صبرها .. وبحث الأخرى عن دفء الصيف يدغدغ أجنحتها ..
يا الله .....
هل تشتاق
الطيوروالأوراق كما نشتاق ؟؟ .. هل تموت ألف مرة في لحظة شوق ؟؟
.. هل تطوفألف سماءمن أجل حضن دافئ ؟؟
..
هل تثور
في ذاتها ذات البراكين .. هل تستحم بذات الحمم
.. هل تغتسل
تحت شلالات النيران ..
وتسبح في
نهر مشتعل ..
هل تحلم
بعناق الرياضوالسحاب .. هل تتحدث إلى الأرض والسماء والمطر .. هل تصوم
عن الحياة ..
آآآآآهلو أني أستطيع الحديث إليها
!!
لهمست
لها :
لا تحزني
.. غدا ستلتقين بالربيعوتحملك
الأقدار الشجاعة صوب الأغصان النضرة وتعودين أجمل
..
لا تقلقي
.. غداستجدين سماء دافئة سينسيك حنان أحضانها شقاء الشوق
وتصبحين أكثر متعة وجمال ..
فهكذا هم
العشاق المجلودون بالشوق الصادق :
حينما
يلتقون بمن اشتاقواإليهم .. يهزؤون بكل لدغات الألم السابقة ويغدو
باستطاعتهم ..
أن
يفتحوا أبوابالجنة .. ويتحدثوا إلى الملائكة
..
( 3 )
العاشقون
بصدق لا يملكونأيّ خيار
..
إنهم فقط
يقادون إلى مصائرهم وأقدارهم ..
كما تقاد
العصافيرالمؤمنة إلى الجنة
..